كلنا الوطن
kolonaalwatan
kolonaalwatan
kolonaalwatan
أهم الأخبار
بقلم الدكتور أحمد صفوت السنباطي بمحكمة النقض: الإدارة الرقمية المصرية نحو تأصيل مبدأ المشروعية في بيئة إلكترونية بقلم الدكتورة مني عبيد: سيناء بوابة الحرمين بقلم الدكتور أحمد البيومي: كيف نحوّل الموهبة إلى مجد وطني؟ المستشار عارف بن علي العبار: مصر تسير بخطي ثابته لتكون مركزا اقتصاديا إقليما بقلم الدكتورة أسماء نوار: حقن التخسيس بين الوهم والحقيقة.. مونجارو، ساكسندا، والركض خلف التريند بقلم د. ولاء قطب: ثنائي القطب.. الوجه الخفي لتقلبات المزاج بين الهوس والاكتئاب تحت رعاية كلية بنسلفانيا البريطانية الدولية للدراسات والتدريب.. انعقاد المؤتمر الرابع للصحة النفسية والإدمان بقلم دكتورة إيمان فوزي: الصديق الجديد ChatGPT... بين الوهم والحقيقة بقلم المفكر الدكتور منصور مالك: الذكاء الاصطناعي والدماغ الرقمي: عصر جديد جامعة بنها الأهلية تختتم أسبوع الابتكار.. أفكار شبابية تتحول لمشروعات ريادية وصناعة مستقبل واعد بقلم د. مريم وحيد: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان... وثيقة تاريخية أم شهادة وفاة للضمير العالمي؟” بقلم الدكتورة ايناس صبحي: المخاطر والأخلاقيات في التعليم بالذكاء الاصطناعي

عندما سقط القناع

في أواخر الخمسينيات، وتحديداً في مدينة طنطا المصرية، حيث عبق الياسمين يمتزج برائحة القهوة البلدي، كانت كلية الآداب تقف شامخة بمبناها العتيق ذي الطراز الأوروبي المعدل. وفي الطابق الثاني، خلف باب خشبي ثقيل نُقش عليه "مكتب وكيل الكلية"، كان يجلس الأستاذ عبد العليم توفيق.

كان الأستاذ عبد العليم - أو الشيخ عبد العليم كما يحب أن يناديه الجميع - رجلاً في الخمسين من عمره، يرتدي جلباباً أزرق فاتحاً تحت بدلة رسمية، ويضع على رأسه طربوشاً أنيقاً. كان معروفاً بمواظبته على صلاة الجماعة في مسجد السيد البدوي، وحضوره المنتظم لحلقات الذكر، لكن خلف هذه الواجهة المتدينة كان يختبئ ثعلب ماكر.

في عشر سنوات، تعاقب على عمادة الكلية خمسة عمداء. الدكتور كمال، العميد الأول، وجد نفسه متورطاً في فضيحة مالية دبرها عبد العليم بإتقان. والدكتور محمود، الذي جاء بعده، اضطر للاستقالة بعد أن وصلت لمجلس الجامعة تقارير مغرضة عن إهماله لواجباته. أما الدكتور حسنين، فقد نُقل إلى كلية نائية في الصعيد بعد حملة شائعات منظمة.

"يا باشا، أنا عبدك المطيع"، كان عبد العليم يقولها لكل عميد جديد، بينما يحيك في الخفاء مؤامراته. كان يستغل علاقاته النسائية في الكلية لجمع المعلومات. الآنسة سميحة، سكرتيرة العميد، كانت تخبره بكل صغيرة وكبيرة مقابل وعود بالزواج. والدكتورة نوال، أستاذة التاريخ القديم، كانت تساعده في كتابة التقارير السرية مقابل ترقيات وهمية.

في صباح من أيام الخريف، وصلت إلى الكلية الدكتورة ليلى كامل، أستاذة الأدب المقارن القادمة من الإسكندرية. كانت سيدة أنيقة في الأربعين، حاصلة على الدكتوراه من السوربون، وتتحدث الفرنسية بطلاقة. رأى فيها عبد العليم فريسة جديدة.

بدأ يتودد إليها بأسلوبه المعتاد. كان يزور مكتبها حاملاً علب الشوكولاتة المستوردة، ويناقشها في الأدب الفرنسي الذي يدعي معرفته. لكن ليلى كانت من نوع آخر. كانت تدرك لعبته جيداً، وقررت أن تلعب معه نفس اللعبة.

بدأت تتجاوب مع اهتمامه، تضحك لنكاته السخيفة، وتطلب رأيه في كل صغيرة وكبيرة. وشيئاً فشيئاً، بدأ الشيخ عبد العليم يتغير. خلع الجلباب والطربوش، واستبدلهما ببدل ملونة وربطات عنق صارخة. صار يتعطر بالكولونيا الفرنسية، ويصفف شعره بالبريانتين، ويغني أغاني عبد الوهاب في الممرات.

في المقهى البلدي أمام الكلية، حيث يجلس الأساتذة لتناول الشاي بالنعناع، كان المشهد غريباً: الشيخ عبد العليم يرتدي بدلة صفراء فاقعة، ويضع نظارة شمسية أمريكية، ويدخن السجائر الأجنبية بطريقة استعراضية. "شوف الواد عبده بتاع زمان"، كان الجرسون العجوز يتمتم ساخراً.

لكن ليلى كانت تنفذ خطتها بهدوء. جمعت كل الوثائق التي تثبت مؤامراته. سجلت اعترافات السكرتيرات والموظفين الذين أضرهم. وفي اجتماع مجلس الكلية، فجرت القنبلة. عرضت كل الأدلة، وكشفت كل المؤامرات.

انهار عبد العليم انهياراً تاماً. حاول العودة إلى شخصية الشيخ الوقور، لكن الأوان كان قد فات. أُحيل للتحقيق، ثم للمعاش المبكر. وفي يومه الأخير بالكلية، وجدوه جالساً في المقهى البلدي، يرتدي بدلته الصفراء، يغني بصوت متهدج: "يا للي كنت أيام زمان، فاكر والا نسيت..."

على باب الكلية، علق أحد الطلاب الظرفاء بيتاً من الشعر العامي:

"يا واش يا مستخبي... تحت عباية التقوى

جالك يوم يا حبيبي... وانكشف كل اللي انطوى"

موضوعات متعلقة