الدكتورة إيمان علي تكتب: التحول للدعم النقدي خطوة نحو عدالة اجتماعية
يمثل إعلان رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي قرب انعقاد الاجتماع الحاسم للجنة العدالة الاجتماعية لوضع اللمسات النهائية للتحول التدريجي من الدعم العيني إلى الدعم النقدي المباشر محطة مهمة في مسار إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية في مصر. ويأتي هذا التوجه كإشارة إيجابية لملايين الأسر المصرية، لا سيما الفئات الأكثر احتياجًا، لما يحمله من آفاق أوسع لتحقيق عدالة اجتماعية أكثر كفاءة واستدامة.
التحول إلى الدعم النقدي يعكس رؤية إصلاحية تستهدف تحديث آليات الدعم بما يضمن وصوله الحقيقي إلى مستحقيه، مع إتاحة قدر أكبر من المرونة أمام المواطنين في تلبية احتياجاتهم اليومية وفق أولوياتهم الفعلية. فالدعم العيني، رغم دوره التاريخي في توفير سلع أساسية مثل الخبز والغذاء، واجه على مدار سنوات تحديات واضحة، من بينها الهدر وتسرب جزء من الدعم إلى غير المستحقين، إضافة إلى محدودية قدرته على مواكبة تغير أنماط الاستهلاك والظروف الاقتصادية المتغيرة.
ويضع الدعم النقدي المواطن في قلب المنظومة، من خلال منحه حرية الاختيار والقدرة على توجيه قيمة الدعم لما يناسب احتياجات أسرته، بما يسهم في تحسين مستوى المعيشة وتعزيز الإحساس بالعدالة. كما يسهم هذا التحول في رفع كفاءة الإنفاق العام، وتحسين دقة الاستهداف عبر الاعتماد على قواعد بيانات محدثة، إلى جانب الحد من الفاقد وتحسين إدارة الموارد المتاحة.
وفي الوقت نفسه، يراعي هذا التوجه حساسية الملف وما يثيره من تساؤلات مشروعة لدى المواطنين بشأن قدرة الدعم النقدي على مواكبة ارتفاع تكاليف المعيشة. وقد أعلنت الحكومة بوضوح أن التطبيق سيتم بصورة تدريجية ومدروسة، مع وجود آليات للمراجعة الدورية لقيمة الدعم وربطها بالمتغيرات الاقتصادية، بما يضمن استمرار مظلة الحماية الاجتماعية لمحدودي الدخل وعدم تأثرهم سلبًا بتقلبات الأسعار.
وتعزز من جدوى هذا المسار خبرات وتجارب ناجحة، سواء على المستوى الدولي أو المحلي، وفي مقدمتها برامج الحماية الاجتماعية مثل “تكافل وكرامة”، التي أثبتت قدرة الدعم النقدي على الوصول إلى مستحقيه وتحقيق أثر اجتماعي ملموس. ومع الحرص على التنفيذ الآمن والعادل، يمثل التحول إلى الدعم النقدي خطوة فارقة نحو نظام دعم أكثر كفاءة وإنصافًا، يدعم المواطن المصري ويواكب متطلبات التنمية الاجتماعية الشاملة.
















